الأحد 29 ديسمبر 2024

إمرأة العقاپ بقلم ندى محمود

انت في الصفحة 5 من 84 صفحات

موقع أيام نيوز

له بجسدها تهمس بنظرات مرتبكة جاهدت في إظهارها طبيعية 
نعم ياحبيبي 
عدنان بصوت رجولي حازم 
بتكلمي مين 
نظرت إلى الهاتف وفورا قذفت كڈبة في عقلها فعادت بالهاتف بأذنها مرة أخرى وهي تقول بابتسامة صفراء 
طيب سلام دلوقتي يا لميا هبقى اكلمك بعدين ياحبيبتي 
وسرعان ما أنهت الاتصال بعد جملتها لتتطلع في وجهه الذي يعطي علامات استفهام فقالت وهي تقترب منه وتلف ذراعيها حول عنقه هاتفة بغنج 
دي لميا كان عندها شوية مشاكل واتصلت بيا تحكيلي وتفضفص معايا شوية هو بقى ممنوع اكلم صحابي ولا إيه ياعدنان بيه !! 
نظر
لذراعيها الملتفين حول رقبته وقال لها بابتسامة ماكرة 
هي مشاكلها بتضحك أوي كدا ! 
انطلقت منها ضحكة
أنثوية متأججة لتجيبه بمشاكسة 
لا انا اللي كنت بفرفشها شوية عشان أخرجها من المود 
انكمشت معالم وجهه بعد ضحكتها العالية ودار بنظره في الأرجاء من حولهم ثم قال بحزم 
مېت مرة أقولك متضحكيش بالشكل ده واحنا مش في اوضتنا ! 
أسفة ياحبيبي مخدتش بالي 
لمعت عيناه بوميض خبيث ومال برأسه عليها يهتف في نظرات راغبة 
رجعت برأسها للخلف وهي تبتسم بجراءة لكنها لمحت أسمهان التي تقف في مكتبه أمام النافذة وتتابعهم فعادت بنظرها له وهمست بضحكة خفيفة 
أسمهان هانم بتراقبنا في صمت شكلها 
الټفت
برأسه للخلف ناحية مكتبه ليرسل لأمه ابتسامة صفراء لترد عليه بضحكة بسيطة ثم يعود بنظره لزوجته من جديد ويقول وهو يلف ذراعه حول كتفيها 
امممم انا بقول نطلع أوضتنا ونكمل كلامنا على رواق فوق براحتنا أفضل 
مائدة صغيرة متوسطة في منتصف الحديقة وتقف هي أمامها تنظمها بشكل راقي وجميل وابنتها تدخل للداخل ركضا ثم تخرج وهي تحمل الصحون واللمسات الصغيرة التي ستزين بها والدتها المائدة 
فقد أعدوا مفاجأة صغيرة ولطيفة لحاتم بمناسبة يوم ميلاده وكانت هنا أكثر من مرحبة بالفكرة وتحمست لها كثيرا وظلت تجهز كل شيء مع والدتها من بداية اليوم حتى أنها قامت بشراء هدية لطيفة مثلها بمساعدة جلنار بالطبع 
لم تنسى جلنار معروفه حين طلبت مساعدته ولم يتأخر عنها ساعدها في السفر والقدوم لأمريكا ومن ثم اسكنها بمنزله القديم وعرض عليها العمل معه بشركته الصغيرة كان خير صديق في لحظات احتياجها للمساعدة وخلال الشهرين الماضيين تعمقت صداقتهم أكثر وأصبحت تراه ربما أكثر من مجرد صديق بل أخا لها أيضا ولا يزال حتى الآن يثبت لها أنها لم تخطئ حين لجأت له للمساعدة 
ركضت هنا نحو والدتها وهي
تهتف بحماس طفولي جميل 
ماما عمو عاتم جه 
انحنت جلنار عليها وهتفت بحماس مماثل لها 
طيب انا هدخل جوا وزي ما اتفقنا هاا 
ويراها 
لحظات قصيرة وظهر حاتم من بوابة المنزل وهو يسير للداخل فركضت هنا نحو وهي تصيح بسعادة 
عااااتم 
توقف على أثر صوتها الصغير والټفت بجسده ناحيتها وفورا اڼفجر بالضحك وهو يراها تركض نحوه وتهتف باسمه بطريقتها العجيبة انحنى وحملها على ذراعيه بمجرد وصولها إليه ولثم وجنتها هاتفا بمداعبة 
يعني بتنهديني حاف من غير اي حاجة وكمان بتقولي اسمي غلط ارحميني يا هنا 
أظهرت عن سخطها اللطيف وهي تقول بقرف 
إنت اسمك وحش أنا اسمي جميييل 
قهقه عاليا وهتف بتقبل اهانتها الصريحة لاسمه 
أنا اسمي وحش !! طيب ياستي شكرا على ذوقك
لفت نظره الطاولة الصغيرة والمزينة وفوقها صحون مسطحة مزخرفة على الحافة بأشكال جميلة ومنظمة بطريقة فخمة وكاد أن يتكلم يكمل حديثه المرح مع الصغيرة ويسألها عن سبب تزين الحديقة والطاولة لكن خروج جلنار من المنزل وهي تحمل فوق يديها كعكة عيد الميلاد ذهب بكل كلمة كان سيتفوه بها جمالها سرق عقله بنظرة واحدة ترتدي فستان ضيق من اللون الأسود يصل إلى أسفل ركبتيها وبأكمام طويلة وحذاء من اللون الأبيض بكعب عالي يعطيها لمسة أنوثية صاړخة وشعرها الأسود الناعم ينسدل على كتفيها بحرية دون أي مجهود منها لتجمله بالتسريحات العصرية وتضع القليل من مساحيق الجمال التي لا تحتاجها أساسا ! كانت تماما ككتلة من الإثارة تسير على الأرض باتجاهه 
ازدرد ريقه بتوتر يحاول التحكم في ذاته ثم انزل هنا من على ذراعيه لتبدأ في الهتاف كما تقول والدتها لكن بطريقتها الطفولية والخاطئة كالعادة لنطق الكلمات بالأخص أنها إنجليزية ! 
Happy birthday to you 
وقفت أمامه وقالت برقة جذابة 
كل سنة وإنت طيب ياحاتم 
أجابها بنظرات تحمل معانى جمة 
وإنتي طيبة إيه المفاجأة الحلوة دي بس 
دي أقل حاجة كفاية وقفتك جمبي أنا وبنتي 
أمسكت هنا ببنطاله وهي تشده برفق حتى ينتبه لها وتقول بتشويق 
عاتم عاتم تعالى شوف الهدية 
تغاضي عن اسمه ونظر لها مبتسما ثم نقل نظره لجلنار بنظرات مستفهمه كان كالذي يقف مسلوب الوعي بجد صعوبة في إدراك كل كلمة توجه إليه والفضل يرجع لتلك الأنثى الفاتنة التي تقف أمامه

هتفت جلنار بصوتها الانوثي 
جايبالك هدية ياسيدي وفرحانة بيها أوي من الصبح وقاعدة على ڼار مستنياك عشان تدهالك
ده هتبقى أحلى هدية جاتلي في حياتي 
ركضت هنا إلى داخل المنزل ثم بعد دقائق عادت ركضا وهي تحمل في يد هديتها وبالأخرى هدية والدتها مدتهم لحاتم وهي تقول بإشراقة وجه رائعة 
دي تاعتي بتاعتي ودي تاعت ماما 
التقطهم من بين يديها ثم بدأ بفتح خاصتها أولا وكانت ربطة عنق من اللون الفصي المنقط بالاسود انبهر بها وأعجبته بشدة 
اتجه للعلبة الثانية الخاصة بجلنار وقام بفتحها فوجد بداخلها إحدى الكتب الخاصة بالادب الانجليزي وللكاتب المفضل له لاحت ابتسامة خفيفة على شفتيه وهو يمسك بالكتاب بين يديه ويحدق في اسمه حتى سمعها تقول باستحياء يليق بها 
مكنتش عارفة اجبلك ايه الصراحة وكنت محتارة جدا فلما افتكرت إنك من محبي القراءة وخصوصا في الأدب الإنجليزي جبت ده يارب يعجبك 
رقمها بأعين لامعة بوميض غريب لم تراه في عيناه من قبل ثم مد كفه ليضعه فوق كفها متمتما بعاطفة 
كفاية إن إنتي اللي جيباه ياجلنار اكيد عجبني هو والمفاجأة اللي مكنتش متوقعها دي الصراحة
ارتبكت من لمسته ليدها فبادلته ابتسامة مضطربة وسحبت يدها ببطء من أسفل يده ثم بدأوا جلستهم المرحة كالعادة وهم يتبادلون الأحاديث بينهم والصغيرة لا تتوقف بالطبع عن الكلام واللهو والمزاح معهم 
لم ينتبهوا للأعين التي تراقبهم من بعيد وتلتقط الصور لهم في كل وضعية تلقائية ليست مناسبة تحدث بينهم 
داخل غرفة عدنان وفريدة 
ساكنة تماما بين ذراعيه وهو يعبث بأنامله في خصلات شعرها برقة وعيناه معلقة على السقف يفكر بأكثر من شيء أولهم ابنته ولم يكن وضعها هي أفضل منه حيث تعصف بذهنها ذكرى اليوم التي أخبرته بأنها لن تتمكن من إنجاب الأطفال له ورغم اختلاف أشكال العلاج التي تلقتها حتى تتمكن من الإنجاب لكن كانت النتائج سلبية بكل مرة بالتأكيد أنها ودت لو أنجبت طفل حتى يحمل اسم إمبراطورية الشافعي الكبيرة وتصبح هي الآمرة والناهية في كل شيء حتى من تتمكن كسر أنف تلك المتعجرفة أسمهان فلو أنجبت ولي العهد المنتظر لكانت الآن ستكون السلطانة الكبيرة لقصر الشافعي ولكن ظهرت تلك المعضلة دون أي حسبان وسړقت منها عرشها لتتربع هي فوقه بمجرد انجابها لطفلة تافهة وهي الآن تفكر بالحال الذي سيؤول إليه وضعها إذا أنجبت له ولي العهد ! لكنها لن تسمح
بهذا حتى لو اضطرت للتخلص نهائيا منها 
قبل خمس سنوات 
شعرت بلمسته الدافئة على
شعرها ثم جلس بجوارها وهي توليه ظهرها ويهمس في حب 
مالك ياحبيبتي 
بكت ولم يكن بكاءا مزيفا بل ربما لأول مرة تبكي من أعماقها لكن السؤال هنا ما السبب الخفي وراء بكائها ! 
ضيق عيناه بدهشة عند سماعه بكائها وأدارها ناحيته فورا ثم قال باهتمام 
بټعيطي
ليه يافريدة ! 
تنفست الصعداء وتمالكت نفسها من البكاء قليلا لتهتف بنفس عاجزة 
اتجوز ياعدنان اسمع كلام مامتك واتجوز 
استغرق لحظات طويلة يستوعب ما سمعه للتو منها ليبتسم باستنكار ثم يهتف بنبرة قوية 
اتجوز !!!!
أيوة وأنا بنفسي بقولك اتجوز ده حقك طالما أنا مش هقدر اجبلك الطفل اللي نفسك فيه و 
لم يدعها تستكمل ثرثرتها فكلما تطرح عليه أمه تلك الفكرة يستشيط ڠضبا والآن تلك الحمقاء تطلبها بذاتها رغم معرفتها أن الأمر بات طبيعيا بالنسبة له ولم يعد يهتم به كثيرا 
صاح بها بعصبية 
أنا عندي استعداد إننا نصبر لعشر سنين قدام كمان لغاية ما ربنا يكرمنا بالطفل اللي بنتمناه لكن إنتي معنكديش أمل يافريدة وبتدوري على الحل الأسهل واللي أنا لا يمكن اوافق بيه 
أطرقت رأسها أرضا وأغمضت عيناها بقوة تستجمع شجاعتها وقوتها الهشة لتستكمل ذلك الحديث فلولا أسمهان التي أجبرتها وهددتها لما كانت الآن تجلس أمامه وتحاول أقناعه بالزواج من أخرى ! 
تمتمت بصوت مبحوح وهي تمسك بيديه 
احنا لينا سنين بنحاول ومفيش فايدة ومتحاولش تقولي إن موضوع الأطفال مش فارق معاك أنا عارفة وحاسة إزاي أنت نفسك في طفل يشيل اس
نامي ياحبيبتي وارتاحي والموضوع ده متفتحهوش معايا تاني وطلعيه من دماغك 
ثم انتصب في وقفته واستدار وغادر الغرفة ليتركها تتخبط قهرا وغيظا تتوعد لتلك الشيطانة أسمهان المتسببة بكل شيء وبالوضع الذي هي فيه الآن !! 
عودة للوقت الحاضر 
استفاقت من ذكرياتها وقد احتدم وجهها بنيران الحقد والغل الآن هي لم تعد تلك الفتاة الصغيرة الحمقاء وقليلة الخبرة بل أصبحت أكثر شراسة وشړا لم تعد تهتم بأي شخص سوى هدفها وستبدأ أول
شيء بالزهرة الضعيفة جلنار ومن ثم ستتفرغ للأفعى الكبرى أسمهان 
في صباح اليوم التالي بإحدى المناطق العشوائية بالقاهرة 
يسير طفل في العاشرة
من عمره يحمل أكياس بها أصناف مختلفة من الخضار ومستلزمات المنزل وكل خطوتين ينزل الاكياس على الأرض حتى يريح عضلات ذراعيه من ثقلها وإذا به فجأة يشعر بكف ينزل على عنقه من الخلف فينتفض واقفا ثم يلتفت لها ويقول پغضب 
متضربيش مش كفاية شايلك الأكياس بتاعتك 
جذبته من ملابسه وانحنت عليه تهتف بنظرة خبيثة وابتسامة عريضة 
هتشيل وأنت ساكت ولا اڤضحك واروح اقول لعمي مدحت أن أنت اللي سړقت كيس السكر 
زفر پغضب وقال مغلوبا على أمره وهو ينحنى ليحمل الأكياس مرة أخرى 
هشيل بس متضربيش 
ضحكت وقالت بمرح 
أنا برضوا بقول هو مفيش غير الواد ميدو في الحارة دي كلها حبيبي يعني قولي كدا أنا من غيرك كنت هلاقي مين يشلي الطلبات 
صاح بعصبية وهو يشير بعيناه على قرنائه اللذين يلهون ويلعبون من حولهم 
ماهو العيال كتير ولا هو مفيش غيري 
ضړبت على رأسه بخفة وهي تهتف مستكملة مزاحها 
يالا ياعبيط دول أطفال أبرياء لكن أنت مش طفل ومتكترش في الكلام معايا احسن الف وارجع لعمي مدحت 
خلاص ياعم 
وصلت أمام باب بنايتها الصغيرة المكونة من طابقين تسكن
هي وجدتها العاجزة بالطابق الثاني وجارتها الست سميحة بالطابق الأول 
سمعت صوت جارتها الفضولية التي تطل من نافذة منزلها 
يامهرة 
التفتت لها بجسدها كاملا ثم أشارت للفتى الصغير أن يترك الأكياس ويذهب اقتربت من نافذتها ووقفت أمامها تقول بلهجة كوميدية 
نعم ياخالة سميحة 
نظرت سميحة لشعر مهرة الناعم والذي يعطي لونا بنيا بعض الشيء وترفعه بذيل حصان ثم قالت 
بتحطي إيه لشعرك ده أنا شعري جربت فيه كل

انت في الصفحة 5 من 84 صفحات